هل تحول التنزه إلى ركض؟


الحياة مليئة باللحظات المختلفة، بعض هذه اللحظات تسلط الضوء على حدث معين يصف مرحلة قادمة أو سابقة أو معاكسة لما قيل في تلك اللحظة، وهذه الأيام لا أنفك التفكير بجملة كانت أشبه بالفكاهة وصفا لما سيحدث من صعوبة في الواقع! قالتها لي إحدى دكاترة قسمنا.. كنت في سنتي الأولى كطالبة علوم حاسب وفي فصلي الدراسي الأول كذلك، اعتدت المرور على الدكتورة كلما احتجت شيئا وكلما عطل في كودي شيئا كذلك ولطالما استقبلتني بقلب رحب، ترددت إليها مع صديقتي وفي مرة عندما كنت انتظر صديقتي لتعدل شيئا على عملها قالت لي الدكتورة وصفا لمقررنا الأول والفارق بينه وبين التالي: "You'll feel CS101 like you were walking in the park. You will run in CS102" "ستشعري كما لو أنك تتنزهين في الحديقة في -مقرر- CS101 ولكنك ستركضي في -مقرر- CS102 (المقرر التالي) أجبت: OMG ولم أستطع قول شيء سوى الضحك. لقد مر على هذا الموقف ما يقارب السنتان. والآن أتساءل، هل ركضت حقا؟ أذكر أن أنفاسي تقطعت ولكن ليس كما يركض الشخص في ماراثون ما، إنه أمر أشبه بالاختناق. إن الجائحة التي مرت على العالم غيرت ملامحه وغيرت الكثير من الذكريات التي أراد كل فرد منا إحداثها في واقعه ليؤرشفها كذكرى لاحقا، ولكن لم يستطع.. إن أجسامنا -أذهاننا- كانت في حالة إحماء ولكن فجأة حل السكون في كل أنحاء العالم وتحول الركض إلى هرولة في المكان ذاته مرارا وتكرارا حتى أصابنا التعب والإعياء ولكن بدون لذة المتعة - وفائدة أقل نظرا للحالة الذهنية والعملية كذلك- أن تقضي سنتين كنت فيها في حالة استعداد وتأهب للتحرك في الأرجاء ذهابا وإيابا حتى تخلد في كل زاوية ذكرى، أمام شاشة حاسوبك، هاتفك، أيبادك لخسارة كبيرة من العلم والحركة وغيره الكثير، تعيد عجلة الوقت نفسها كل يوم وكأن الحياة توقفت في لحظة معينة ولا شيء تقدم ، ولكن الأيام تمضي ونحن تغيرنا معها! إن ذلك الوصف الذي كان مضحكا ومخيفا في اللحظة نفسها لم يحدث حقا، الجائحة جعلتنا نشعر بالإعياء قبل أن نبدأ حتى ولازلنا نتعافى من هذا الإعياء الذي يفوق المجهود الذي كنا سنبذله لو ركضنا بكل حرية في الأرجاء، في ممرات جامعتنا للحاق محاضرة متأخرين عنها، للتحضير لعرض مشاريعنا في عجلة ، وللسؤال عن أمر ما قبل أن يبدأ الاختبار، أمور كثيرة اقتطعت من غير حول من أي شخص ولا قوة وهذا هو القدر ونحن لا نعرف ما يحمله ولا نستطيع تفسيره كما نريد كذلك، الوقت لم يفت تماما -آمل ذلك- ، نعود رويدا رويدا كما بدأنا أول مرة ولكن بخبرة أكثر بإذن الله. 

تعليقات