أتعلم يا صديقي ما هي أكثر جملة تستفزني في الحديث عن الماضي؟ إنها "لقد مرت الأيام سريعا" ومع ذلك كيف للنهايات قدرة على جعلنا نعتقد مجازا أن الأيام مرت سريعا رغم أنها لم تكن! كيف للحنين قدرة على التشكل كما النسيم عند اقتراب النهايات؟ كيف لذواكرنا الامتلاء بالحنية والمحبة بعد كل تلك الليالي الصعاب والمريرة؟
إن سألتني يا صديقي كيف كانت رحلتك قبل شهرين من الآن لما وجدت كلمة تشعرك أنني أريد العودة لأي لحظة من لحظات الماضي ولما امتدحته حتى..ولكن يبدو أن نسيم الحنين قد بدأ بالتردد نظرا لاقتراب النهاية..
إنني يا صديقي معجبة وبشدة بوصف محمود درويش للحنين فلا أجد أبرع منه دقة وشاعرية خصيصا عندما كتب "فليس الحنين ذكرى ، بل هو ما ينتقى من متحف الذاكرة .الحنين انتقائي كبستاني ماهر، وهو تكرار للذكرى وقد صفيت من الشوائب." إن الوداع يولّد فينا شعورا بالزهد والتسليم لما انتهى لأن النهاية أمست يقينا قريبا لا شك فيه! لذا يتلاعب الحنين بذاوكرنا فيصفيها من الشوائب ويبقي القليل الجميل ويبروزه ليبرزه كشعار لتلك المرحلة، فنَحِنُّ حتى نئن قليلا من لوعة القلب الذي يستميت للعودة للوراء قليلا وهو الذي كان يستميت للتقدم إلى الأمام قليلا سابقا!
إن المشاعر الإنسانية معقدة جدا لا أستطيع فهمها... فقط أشعر بها والمرورعليها وأن تمرعليّ بدورها كزوبعة...كثيفة وقوية وتنتهي سريعا مع الانشغال بالحاضر الذي يوما ما سيصبح جزءا من هذه الزوبعة...عندما أقول مجددا ومرّت الأيام...
ومرّت الأيام يا صديقي، لقد مرّت الأيام!
تعليقات
إرسال تعليق
آراؤكم .. كلماتكم .. وتعليقاتكم دائما مرحب بها في المدونة!